فضل الصحابة وتفاضلهم  Top4top_b8a25c62e41

بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد ،،




فهذه هي المحطة الثانية من سلسلة ( معالم في الصحابة ) ..


أضعها بين يديكم ؛ رغبةً أن تحل الفائدة على الجميع ..


والله من وراء القصد ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .




<P align=center>

فضل الصحابة وتفاضلهم  Top4top_b8a25c62e42

الصحابة – كما مر في المحطة الأولى – هم أفضل الناس بعد الأنبياء ، وأفضل الصحابة المهاجرون ؛ لجمعهم بين الهجرة والنصرة ، ثم الأنصار ، وأفضل المهاجرين الخلفاء الأربعة الراشدون : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان , وعلي رضي الله عنهم .
وإليك نبذة يسيرة عنهم :


1- أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه ) : عبد الله بن عثمان بن عامر من بني تيم بن مرة ابن كعب ، أول مَن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال ، وصاحبه في الهجرة ، ونائبه في الصلاة والحج ، وخليفته في أمته ، أسلم على يديه خمسة من المبشرين بالجنة : عثمان ، والزبير ، وطلحة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنهم أجمعين - .
توفي في جمادى الآخرة سنة 13هـ عن 63 سنة .
وهؤلاء الخمسة مع أبي بكر وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة هم الثمانية الذين سبقوا الناس بالإسلام .
قاله ابن إسحاق ، يعني من الذكور بعد الرسالة .


2- عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) : هو أبو حفص الفاروق عمر بن الخطاب من بني عدي ابن كعب بن لؤي ، أسلم في السنة السادسة من البعثة بعد نحو أربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة ، ففرح المسلمون به وظهر الإسلام بمكة بعده .
استخلفه أبو بكر على الأمة ، فقام بأعباء الخلافة خير قيام إلى أن قتل شهيداً في ذي الحجة سنة 23هـ عن 63 سنة .


3- عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) : هو أبو عبد الله ذو النورين عثمان بن عفان من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف .
أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم كان غنياً سخياً تولى الخلافة بعد عمر بن الخطاب باتفاق أهل الشورى إلى أن قُتل شهيداً في ذي الحجة سنة 35هـ عن 90 سنة على أحد الأقوال .


4- علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) : وهو أبو الحسن علي بن أبي طالب ، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب ، أول مَن أسلم من الغلمان ، أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يوم خيبر ؛ ففتح الله على يديه ، وبويع بالخلافة بعد قتل عثمان رضي الله عنهم فكان هو الخليفة شرعاً إلى أن قُتل شهيداً في رمضان سنة 40هـ عن 63 سنة (1) .




فضل الصحابة وتفاضلهم  Top4top_b8a25c62e43



قبل الدخول في تفاصيل المفاضلة بين الخلفاء الراشدين يحسن الإجابة لمَن قد يعترض على ذلك ، فيقول : الأولى أن نحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً ، ولا نفاضل بينهم .
يقال لهذا : إن السنة هي المفاضلة بينهم على ما جاءت به الأحاديث الصحيحة ، ودرج عليه السلف من تفضيل أبي بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين .


وقد سئل الإمام أحمد عن رجل يحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يفضل بعضهم على بعض ، وهو يحبهم قال : " السنة أن يفضل أبا بكر ، وعمر ، وعثمان وعلياً من الخلفاء " (2) .
وإنما الذي ذمه السلف هو التعرض لما شجر بين الصحابة من قتال وفتن بعد مقتل عثمان – رضي الله عنه - ، ثم النزاع الذي حصل بين علي ومعاوية رضي الله عنهما .


وبناءً على ما مضى فإن أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فهذا متفق عليه بين أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة في العلم والدين من الصحابة ، والتابعين وتابعيهم .


وهو مذهب مالك ، وأهل المدينة ، والليث بن سعد ، وأهل مصر ، والأوزاعي ، وأهل الشام ، وسفيان الثوري ، وأبي حنيفة ، وحماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، وأمثالهم من أهل العراق ، وهو مذهب الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد وغير هؤلاء من الأئمة .
وحكى مالك إجماع أهل المدينة على ذلك فقال : ما أدركت أحداً ممَن يُقتدى به يشك في تقدم أبي بكر وعمر " (3) .


وقال رحمه الله : " ويقرون – أي أهل السنة – بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، ثم عمر ، ويثلثون بعثمان ، ويربعون بعلي رضي الله عنهم كما دلت عليه الآثار ، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة " (4) .


والأدلة على ما ذهب إليه الأئمة المذكورون في مسألة التفضيل كثيرة منها ما رواه البخاري عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كنا نُخّيِِّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخيِّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان ابن عفان رضي الله عنهم " (5) .
وفي رواية : " كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نفاضل بينهم " (6) .


وكلا الحديثين نص في المسألة .


وقد روي آثار مستفيضة عن علي رضي الله عنه نفسه ؛ ففي صحيح البخاري عن محمد بن الحنفية أنه قال : " قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبو بكر ، قلت ثم مَن ؟ قال : عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين " (7) .


قال شيخ المسلمين ابن تيمية رحمه الله : " وقد روي هذا عن علي بن أبي طالب من نحو ثمانين وجهاً ، وأنه كان يقوله على منبر الكوفة ، بل كان يقول : لا أُوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري ؛ فمَن فضَّله على أبي بكر وعمر جُلد بمقتضى قوله رضي الله عنه ثمانين سوطاً " (Cool .


وجاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " إني لواقف في قوم ؛ فدعوا الله لعمر بن الخطاب ، وقد وضع على سريره ، إذا رجل من خلفي قد وضع مِرْفقه على منكبي يقول : رحمك الله ، إن كنتُ لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك ؛ لأني كثيراً ما كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كنت وأبو بكر وعمر ، وفعلت وأبو بكر وعمر ، وانطلقت وأبو بكر وعمر " .
فإن كنتُ لأرجو أن يجعلك الله معهما ؛ فالتفتُّ فإذا هو علي بن أبي طالب " (9) .




فضل الصحابة وتفاضلهم  Top4top_b8a25c62e44



أحق الخلفاء الأربعة بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنهم ؛ لأنه أفضلهم وأسبقهم إلى الإسلام ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قدمه في الصلاة ، ولأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على تقديمه ومبايعته ، ولا يجمعهم الله على ضلالة ، ثم عمر رضي الله عنه لأنه أفضل الصحابة بعد أبي بكر ، ولأن أبا بكر عهد بالخلافة إليه ، ثم عثمان رضي الله عنه لفضله ، وتقديم أهل الشورى له ، وهم المذكورون في هذا البيت :




علي وعثمان وسعد وطلحة ...... زبير وذو عوف رجال المشورة


ثم علي رضي الله عنه لفضله ، وإجماع أهل عصره عليه .


وهؤلاء الأربعة هم الخلفاء الراشدون المهديون الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عَضُّوا عليها بالنواجذ " (10) .


وقال عليه الصلاة والسلام : " خلافة النبوة ثلاثون سنة ، ثم يؤتي الله الملك مَن يشاء ، أو ملكه مَن يشاء " (12) .
فكان آخرها خلافة علي هكذا قال ابن قدامة رحمه الله وكأنه جعل خلافة الحسن تابعة لأبيه أو لم يعتبرها حيث إنه رضي الله عنه تنازل عنها (13) .


فخلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتان وثلاثة أشهر وتسع ليال من 13 ربيع الأول سنة 11هـ إلى 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ .
وخلافة عمر رضي الله عنه عشر سنوات وستة أشهر وثلاثة أيام من 23 جمادى الآخرة سنة 13هـ إلى 26 ذي الحجة سنة 23هـ .
وخلافة عثمان رضي الله عنه اثنتا عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً من 1 محرم سنة 24هـ إلى 18 ذي الحجة سنة 35هـ .
وخلافة علي رضي الله عنه أربع سنوات وتسعة أشهر من 19 ذي الحجة سنة 35هـ إلى 19 رمضان سنة 40هـ .


فمجموع خلافة هؤلاء الأربعة تسع وعشرون سنة وستة أشهر وأربعة أيام (14) .




فضل الصحابة وتفاضلهم  Top4top_856e1df5071

[size=12](1) انظر لمعة الاعتقاد ، لابن قدامة ، شرح الشيخ محمد بن عثيمين : ص 141 .


(2) المسند من مسائل الإمام أحمد ، للخلال ، مخطوط ورقة 54 . وانظر الإمامة العظمى ، للدميجي ، ص 327 – 328 .


(3) مجموع الفتاوى : 4/421 .


(4) العقيدة الواسطية : ص 171 .


(5) البخاري (3655) .


(6) البخاري (3698) .


(7) البخاري (3671) .


(Cool مجموع الفتاوى 4/422 .


(9) البخاري (3677) ، ومسلم (2389) .


(10) رواه أحمد 4/126 – 127 ، وأبو داود (4607) ، والترمذي (2676) وقال : " حسن صحيح " ، والحاكم 1/97 وصححه ، ووافقه الذهبي .


(11) أخرجه أبو داود (4646) ، وقال الألباني في صحيح سنن أبي دواد (3882) : " حسن صحيح " .


(13) انظر لمعة الاعتقاد ، لابن قدامة ، شرح الشيخ محمد بن عثيمين ، ص 142 – 143 .


(14) انظر لمعة الاعتقاد ، لابن قدامة ، شرح الشيخ محمد بن عثيمين ، ص 142 – 143 .








[size=12]فضل الصحابة وتفاضلهم  Top4top_856e1df5072[/size]
[/size]